العلمانية.. حول نشأتها، ونتائج تطبيقها العدد 376، الأربعاء 11/2/2009 جريدة النور
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العلمانية.. حول نشأتها، ونتائج تطبيقها العدد 376، الأربعاء 11/2/2009 جريدة النور
بقلم: أسعد الديري
أثارت قضية فصل الدين عن الدولة أو ما يطلق عليها اليوم اختصاراً (العلمانية) في أوساطنا الثقافية زوبعة من النقاشات والحوارات التي لم تثمر كما يبدو لي إلا المزيد من التعصب واتساع الهوة بين مؤيد ومعارض،
لذلك لا غرابة أن يشمر الباحثون والمفكرون العرب عن ساعد الجد والاجتهاد لإلقاء الضوء على هذه القضية والبحث في ماهيتها وغائيتها، ولا غرابة أيضاً أن ينقسم الباحثون والمفكرون العرب، حول مدى صلاحية تطبيقها في وطننا العربي إلى فريقين، فريق يرى أن تطبيقها ممكن، وفريق يرى استحالة تطبيقها متكئاً على ما جاءت به العقيدة الإسلامية من تعاليم ترفض رفضاً قاطعاً القضية برمتها، لكن الأمر الذي لا مراء فيه، هو عدم اختلافهم حول أسباب وظروف نشأتها واستيطانها في الغرب بقوة الفكر والسلاح على حد سواء.
وسنحاول في بحثنا هذا أن نتطرق إلى العوامل والأسباب التي أدت إلى نشوئها وإلى ما خلفته وراءها من تقدم هائل وحضارة راقية على الصعيد المادي وتدهور وانحطاط على الصعيد الروحي. ولكي نتصف بالموضوعية أرى أن من الواجب علينا أن نحدد خطة البحث قبل الخوض في غماره، لأن قضية فصل الدين عن الدولة / العلمانية / قضية شائكة، وتحتاج إلى الكثير من الدقة والتمحيص عند تناولها، لذلك سأعمد إلى:
أولاً تعريف العلمانية، لغوياً واصطلاحياً.
ثانياً الدوافع الدينية والفكرية التي كانت وراء نشأتها.
ثالثاً أهم المفكرين الغربيين الذين دافعوا عن قضية فصل الدين عن الدولة /العلمانية/.
رابعاً النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية.
أولاً تعريف العلمانية
أكد الكثير من المصادر اللغوية أن أصل العلمانية هي الكلمة الفرنسية laicisme)) والترجمة الحقيقية للكلمة هي (لا دينية أو لا غيبية أو الدنيوية أو لا مقدس) ويقابلها في الإنجليزية (secularism) والعلماني هو خلاف الديني أو الكهنوتي.
والعلمانية اصطلاحياً: ظن بعض المترجمين العرب أنهم لو ترجموا العلمانية الترجمة الحقيقية لما قبلها الناس ولردوها ونفروا منها، لذا أوهموا الناس بأن العِلمانية من العِلم (بكسر العين)، لكن الحقيقة تقول إن العَلمانية مشتقة من العالم (بفتح العين)، لذا فإنها تعني اصطلاحياً (المذهب الدنيوي) أو (المذهب اللاديني)، وهي ليست مذهباً فلسفياً، بل مذهب قانوني سياسي، بمقتضاه يتم فصل الدين عن الدولة، بيد أن العلمانية كمذهب سياسي، شديدة الصلة بالفلسفة لأنها نتاج للنظر العقلي.
ثانيا الدوافع الدينية والفكرية والسياسية التي كانت وراء نشأتها:
الدوافع الدينية: عانت الشعوب الأوربية في العهد الكنسي ما عانت، من اضطهاد وتعذيب ووحشية، لهذا يرى بعض المفكرين أن الكنيسة في العصور الوسطى جنت على الدين حين صورته للناس بأنه دين الخرافة والدجل والكذب، بسبب إصرارها على أن تنسب إليه ما هو منه براء، وحين تكشفت الحقائق للناس وقامت البراهين القاطعة على صحة أقوال أهل العلم انحازوا للحقيقة ونبذوا تسلط الكنسية وفهمها للدين.
الدوافع الفكرية: لم تسمح الكنيسة بأي شكل من الأشكال بممارسة الحريات التي تخالف معتقداتها وطقوسها، لذلك لم يجرؤ أحد على طرح أفكار أو معتقدات تخالف ما أقرته في دستورها. بيد أنه ابتداء من القرن السادس عشر تمخضت عقول المفكرين عن أفكار تنبذ الدين، وترى أن البشرية تستطيع أن تعيش حياة أخلاقية دون عون سماوي، وقد تبنت هذه الأفكار فرق وحركات نذكر منها:
فرقة السوشيني: عرفت هذه الفرقة بإنكارها للاهوت المسيح كما أنكروا نظرية الخطيئة الأولى والجبرية المطلقة وعدم وجود أي منفعة في نظرية تكفير المسيح عن خطايا الإنسان.
حركة الإنجيل المجرد: أنكرت هذه الحركة وجود الوحي كما أنكرت النبوءات والمعجزات وكل ما هو خارق للطبيعة الإنسانية.
حركة التقوى: دعت إلى إحياء الديانة الشخصية القائمة لا على العقل بل على التجربة الروحية الداخلية، وهكذا وصل الغرب إلى أخلاق عقلية بحتة، مستقلة عن أية أسس دينية أو إلهية.
الدوافع السياسية: قامت في الغرب حركة اجتماعية فكرية سياسية شاملة نفضت غبار الماضي، وثارت على كل قديم، واحتدمت نيران الصراع بين القوى الاجتماعية والسياسية الجديدة والقوى القديمة التي يمثلها الإقطاع وطبقات النبلاء، وكانت العلمانية هي اللافتة والراية التي اجتمعت القوى الجديدة تحتها، وبانتصار هذه القوى انتصرت العلمانية، وأخذت القوى الجديدة تبشر بعصر جديد يسعد فيه الإنسان، وتحل جميع مشكلاته، ويعم السلام والرفاهية والرخاء جميع الشعوب.
ثالثاً أهم المفكرين الغربيين الذين دافعوا عن قضية فصل الدين عن الدولة / العلمانية /
في فرنسا:
سان سيمون (1760 1825): ذهب إلى ضرورة إعادة تنظيم المجتمع المتدهور بسلطة قوامها العلم.
أوجست كونت (1798 1857): الذي رأى أنه ما من شيء يمكن أن يتجاوز عالم الواقع المحسوس.
في إنكلترا:
جيمس مل (1773 1836): عنده أن أصل العالم ومصدر خلقه ينبغي أن يظل مجهولاً.
جون ستيوارت مل (1806 1873): دعا إلى دين وضعي يقوم بكل وظائف الدين الموجود.
في ألمانيا:
هيجل (1770 1831) رأى أن أصل الدين هو عجز الإنسان عن تصوير المثل الأعلى في المادة، فقام بتصويره في الباطن.
فيورباخ (1804 1872): الذي رأى أن الله هو المثل الأعلى للماهية الإنسانية التي نجردها من الأفراد ثم نعزلها كرصيد لكل الصفات الطبيعية الإنسانية وكمالها.
وعندما لاح فجر القرن العشرين، وجدنا أن النظرية الدارونية التي ظهرت على يد عالم الأحياء داروين (1809 1882) تتربع فوق عرش الفكر العملي، لذلك لا غرابة أن يظهر في بداية القرن العشرين في أمريكا مفكرون أمثال (سانتيانا، وود بروج، لا مبرخت) نادوا بعدم تجاوز عالم الحوادث الحسية وقوانينه، وقالوا إنه لا وجود لشيء فوق الطبيعة.
أما في إنكلترا فنتوقف مع أراء الفيلسوف بتراند راسل (1872 1970) الذي كان لا يقبل أية معرفة ليس لها أساس من التجربة الحسية.
ونجد في فرنسا أن الفلسفة الوجودية قد بدأت تشق طريقها إلى عالم الفكر والأدب على يد سارتر (1905 1980) الذي رأى أنه يجب على الإنسان أن يبدع قيمه الخاصة دون الاعتماد على معيار إلهي.
أما ألبير كامو فقد رأى أن على الناس أن يعيشوا بناء على أن العالم واقعي ، وأن التعاليم الدينية تأجيل للسعادة التي يمكن أن ينالها الإنسان في الحياة.
هؤلاء بعض أهم المفكرين الذين تناولوا قضية فصل الدين عن الدولة عندما كانت سلطة الكنيسة تلفظ أنفاسها الأخيرة على مذبح الثورة الفرنسية التي دعت إلى الحرية والعدالة والمساواة والإخاء.
وهكذا أخذت العلمانية طريقها إلى الحضارة الغربية التي لم تأل جهداً في التكريس العلني لفصل الدين عن الدولة، وتسابقت الدول في إعلان علمانيتها التي ترسخت أفكارها ومبادئها في العقول والقلوب حتى أصبحت مثالاً يحتذى في بقية الدول.
ما هي النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية؟
تباينت النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية، ففي الوقت الذي أحدثت فيه العلمانية تقدماً هائلاً على الصعيد العلمي والحضاري نجد أنها لم تحقق الطمأنينة والسعادة المطلوبتين على المستوى الروحي. أما أهم النتائج الإيجابية التي أحدثتها العلمانية في الدول التي قامت بتطبيقها فنحصرها بـ:
التقدم العلمي الهائل:
إذ إن العقل الغربي الذي كان أسير الأساطير والخرافة، تحرر من ذلك كله وانطلق يبحث ويجرب ويفكر ويتقصى.
الرخاء الاقتصادي الواسع:
إذ إن منجزات العلم وظفت في العديد من جوانبها لرفاهية الإنسان وتجاوزت توفير الضروريات إلى التوسع في الكماليات.
الاستقرار السياسي:
واستبعاد صور وأشكال العنف في التعبير عن الآراء والتوجهات السياسية.
احترام حقوق الإنسان وحرياته:
إذ أصبح زعيم أكبر وأقوى دولة في العالم يحقق معه ويحاكم كأي فرد مهما ضعف وتضاءل من شعبه، وأصبحت السيادة للقانون، ودور السلطة هو حماية القانون وتنفيذه وخدمة الأمة وحمايتها.
هذه هي أبرز الإيجابيات التي جنتها دول الغرب إثر تطبيقها لـ (العلمانية).
لكن، برغم هذه الإيجابيات، فإن مشكلة الإنسان الروحية ما تزال قائمة، والخواء الروحي ينتشر في الغرب على نطاق واسع، فالتقدم على المستوى المادي لا يكفي كي يعيش الإنسان في الطمأنينة التي يتطلع إليها. لذلك نجد الكثيرين من المفكرين والعلماء ما يزالون يبحثون في الطرق التي تحقق التوازن بين النمو المادي والنمو القيمي والأخلاقي والروحي. هذا التوازن الذي لم تستطع تطبيقات العلمانية تحقيقه حتى الآن.
لقد أمنت العلمانية للإنسان حقه في التعبير عن أفكاره وآرائه بحرية، لكن ردة الفعل على تسلط المؤسسة الدينية في القرون التي سبقت انتشار العلمانية، أدت أحياناً إلى ظهور تيارات وأنظمة بالغت في التعامل السلبي مع الإيمان والمؤمنين. وعلى كل حال فإن قضية التوازن بين ما هو روحي وما هو مادي تظل مطروحة للبحث بين المفكرين والباحثين من علمانيين ودينيين في العالم كله.
أثارت قضية فصل الدين عن الدولة أو ما يطلق عليها اليوم اختصاراً (العلمانية) في أوساطنا الثقافية زوبعة من النقاشات والحوارات التي لم تثمر كما يبدو لي إلا المزيد من التعصب واتساع الهوة بين مؤيد ومعارض،
لذلك لا غرابة أن يشمر الباحثون والمفكرون العرب عن ساعد الجد والاجتهاد لإلقاء الضوء على هذه القضية والبحث في ماهيتها وغائيتها، ولا غرابة أيضاً أن ينقسم الباحثون والمفكرون العرب، حول مدى صلاحية تطبيقها في وطننا العربي إلى فريقين، فريق يرى أن تطبيقها ممكن، وفريق يرى استحالة تطبيقها متكئاً على ما جاءت به العقيدة الإسلامية من تعاليم ترفض رفضاً قاطعاً القضية برمتها، لكن الأمر الذي لا مراء فيه، هو عدم اختلافهم حول أسباب وظروف نشأتها واستيطانها في الغرب بقوة الفكر والسلاح على حد سواء.
وسنحاول في بحثنا هذا أن نتطرق إلى العوامل والأسباب التي أدت إلى نشوئها وإلى ما خلفته وراءها من تقدم هائل وحضارة راقية على الصعيد المادي وتدهور وانحطاط على الصعيد الروحي. ولكي نتصف بالموضوعية أرى أن من الواجب علينا أن نحدد خطة البحث قبل الخوض في غماره، لأن قضية فصل الدين عن الدولة / العلمانية / قضية شائكة، وتحتاج إلى الكثير من الدقة والتمحيص عند تناولها، لذلك سأعمد إلى:
أولاً تعريف العلمانية، لغوياً واصطلاحياً.
ثانياً الدوافع الدينية والفكرية التي كانت وراء نشأتها.
ثالثاً أهم المفكرين الغربيين الذين دافعوا عن قضية فصل الدين عن الدولة /العلمانية/.
رابعاً النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية.
أولاً تعريف العلمانية
أكد الكثير من المصادر اللغوية أن أصل العلمانية هي الكلمة الفرنسية laicisme)) والترجمة الحقيقية للكلمة هي (لا دينية أو لا غيبية أو الدنيوية أو لا مقدس) ويقابلها في الإنجليزية (secularism) والعلماني هو خلاف الديني أو الكهنوتي.
والعلمانية اصطلاحياً: ظن بعض المترجمين العرب أنهم لو ترجموا العلمانية الترجمة الحقيقية لما قبلها الناس ولردوها ونفروا منها، لذا أوهموا الناس بأن العِلمانية من العِلم (بكسر العين)، لكن الحقيقة تقول إن العَلمانية مشتقة من العالم (بفتح العين)، لذا فإنها تعني اصطلاحياً (المذهب الدنيوي) أو (المذهب اللاديني)، وهي ليست مذهباً فلسفياً، بل مذهب قانوني سياسي، بمقتضاه يتم فصل الدين عن الدولة، بيد أن العلمانية كمذهب سياسي، شديدة الصلة بالفلسفة لأنها نتاج للنظر العقلي.
ثانيا الدوافع الدينية والفكرية والسياسية التي كانت وراء نشأتها:
الدوافع الدينية: عانت الشعوب الأوربية في العهد الكنسي ما عانت، من اضطهاد وتعذيب ووحشية، لهذا يرى بعض المفكرين أن الكنيسة في العصور الوسطى جنت على الدين حين صورته للناس بأنه دين الخرافة والدجل والكذب، بسبب إصرارها على أن تنسب إليه ما هو منه براء، وحين تكشفت الحقائق للناس وقامت البراهين القاطعة على صحة أقوال أهل العلم انحازوا للحقيقة ونبذوا تسلط الكنسية وفهمها للدين.
الدوافع الفكرية: لم تسمح الكنيسة بأي شكل من الأشكال بممارسة الحريات التي تخالف معتقداتها وطقوسها، لذلك لم يجرؤ أحد على طرح أفكار أو معتقدات تخالف ما أقرته في دستورها. بيد أنه ابتداء من القرن السادس عشر تمخضت عقول المفكرين عن أفكار تنبذ الدين، وترى أن البشرية تستطيع أن تعيش حياة أخلاقية دون عون سماوي، وقد تبنت هذه الأفكار فرق وحركات نذكر منها:
فرقة السوشيني: عرفت هذه الفرقة بإنكارها للاهوت المسيح كما أنكروا نظرية الخطيئة الأولى والجبرية المطلقة وعدم وجود أي منفعة في نظرية تكفير المسيح عن خطايا الإنسان.
حركة الإنجيل المجرد: أنكرت هذه الحركة وجود الوحي كما أنكرت النبوءات والمعجزات وكل ما هو خارق للطبيعة الإنسانية.
حركة التقوى: دعت إلى إحياء الديانة الشخصية القائمة لا على العقل بل على التجربة الروحية الداخلية، وهكذا وصل الغرب إلى أخلاق عقلية بحتة، مستقلة عن أية أسس دينية أو إلهية.
الدوافع السياسية: قامت في الغرب حركة اجتماعية فكرية سياسية شاملة نفضت غبار الماضي، وثارت على كل قديم، واحتدمت نيران الصراع بين القوى الاجتماعية والسياسية الجديدة والقوى القديمة التي يمثلها الإقطاع وطبقات النبلاء، وكانت العلمانية هي اللافتة والراية التي اجتمعت القوى الجديدة تحتها، وبانتصار هذه القوى انتصرت العلمانية، وأخذت القوى الجديدة تبشر بعصر جديد يسعد فيه الإنسان، وتحل جميع مشكلاته، ويعم السلام والرفاهية والرخاء جميع الشعوب.
ثالثاً أهم المفكرين الغربيين الذين دافعوا عن قضية فصل الدين عن الدولة / العلمانية /
في فرنسا:
سان سيمون (1760 1825): ذهب إلى ضرورة إعادة تنظيم المجتمع المتدهور بسلطة قوامها العلم.
أوجست كونت (1798 1857): الذي رأى أنه ما من شيء يمكن أن يتجاوز عالم الواقع المحسوس.
في إنكلترا:
جيمس مل (1773 1836): عنده أن أصل العالم ومصدر خلقه ينبغي أن يظل مجهولاً.
جون ستيوارت مل (1806 1873): دعا إلى دين وضعي يقوم بكل وظائف الدين الموجود.
في ألمانيا:
هيجل (1770 1831) رأى أن أصل الدين هو عجز الإنسان عن تصوير المثل الأعلى في المادة، فقام بتصويره في الباطن.
فيورباخ (1804 1872): الذي رأى أن الله هو المثل الأعلى للماهية الإنسانية التي نجردها من الأفراد ثم نعزلها كرصيد لكل الصفات الطبيعية الإنسانية وكمالها.
وعندما لاح فجر القرن العشرين، وجدنا أن النظرية الدارونية التي ظهرت على يد عالم الأحياء داروين (1809 1882) تتربع فوق عرش الفكر العملي، لذلك لا غرابة أن يظهر في بداية القرن العشرين في أمريكا مفكرون أمثال (سانتيانا، وود بروج، لا مبرخت) نادوا بعدم تجاوز عالم الحوادث الحسية وقوانينه، وقالوا إنه لا وجود لشيء فوق الطبيعة.
أما في إنكلترا فنتوقف مع أراء الفيلسوف بتراند راسل (1872 1970) الذي كان لا يقبل أية معرفة ليس لها أساس من التجربة الحسية.
ونجد في فرنسا أن الفلسفة الوجودية قد بدأت تشق طريقها إلى عالم الفكر والأدب على يد سارتر (1905 1980) الذي رأى أنه يجب على الإنسان أن يبدع قيمه الخاصة دون الاعتماد على معيار إلهي.
أما ألبير كامو فقد رأى أن على الناس أن يعيشوا بناء على أن العالم واقعي ، وأن التعاليم الدينية تأجيل للسعادة التي يمكن أن ينالها الإنسان في الحياة.
هؤلاء بعض أهم المفكرين الذين تناولوا قضية فصل الدين عن الدولة عندما كانت سلطة الكنيسة تلفظ أنفاسها الأخيرة على مذبح الثورة الفرنسية التي دعت إلى الحرية والعدالة والمساواة والإخاء.
وهكذا أخذت العلمانية طريقها إلى الحضارة الغربية التي لم تأل جهداً في التكريس العلني لفصل الدين عن الدولة، وتسابقت الدول في إعلان علمانيتها التي ترسخت أفكارها ومبادئها في العقول والقلوب حتى أصبحت مثالاً يحتذى في بقية الدول.
ما هي النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية؟
تباينت النتائج التي حصلت عليها الدول التي قامت بتطبيق العلمانية، ففي الوقت الذي أحدثت فيه العلمانية تقدماً هائلاً على الصعيد العلمي والحضاري نجد أنها لم تحقق الطمأنينة والسعادة المطلوبتين على المستوى الروحي. أما أهم النتائج الإيجابية التي أحدثتها العلمانية في الدول التي قامت بتطبيقها فنحصرها بـ:
التقدم العلمي الهائل:
إذ إن العقل الغربي الذي كان أسير الأساطير والخرافة، تحرر من ذلك كله وانطلق يبحث ويجرب ويفكر ويتقصى.
الرخاء الاقتصادي الواسع:
إذ إن منجزات العلم وظفت في العديد من جوانبها لرفاهية الإنسان وتجاوزت توفير الضروريات إلى التوسع في الكماليات.
الاستقرار السياسي:
واستبعاد صور وأشكال العنف في التعبير عن الآراء والتوجهات السياسية.
احترام حقوق الإنسان وحرياته:
إذ أصبح زعيم أكبر وأقوى دولة في العالم يحقق معه ويحاكم كأي فرد مهما ضعف وتضاءل من شعبه، وأصبحت السيادة للقانون، ودور السلطة هو حماية القانون وتنفيذه وخدمة الأمة وحمايتها.
هذه هي أبرز الإيجابيات التي جنتها دول الغرب إثر تطبيقها لـ (العلمانية).
لكن، برغم هذه الإيجابيات، فإن مشكلة الإنسان الروحية ما تزال قائمة، والخواء الروحي ينتشر في الغرب على نطاق واسع، فالتقدم على المستوى المادي لا يكفي كي يعيش الإنسان في الطمأنينة التي يتطلع إليها. لذلك نجد الكثيرين من المفكرين والعلماء ما يزالون يبحثون في الطرق التي تحقق التوازن بين النمو المادي والنمو القيمي والأخلاقي والروحي. هذا التوازن الذي لم تستطع تطبيقات العلمانية تحقيقه حتى الآن.
لقد أمنت العلمانية للإنسان حقه في التعبير عن أفكاره وآرائه بحرية، لكن ردة الفعل على تسلط المؤسسة الدينية في القرون التي سبقت انتشار العلمانية، أدت أحياناً إلى ظهور تيارات وأنظمة بالغت في التعامل السلبي مع الإيمان والمؤمنين. وعلى كل حال فإن قضية التوازن بين ما هو روحي وما هو مادي تظل مطروحة للبحث بين المفكرين والباحثين من علمانيين ودينيين في العالم كله.
الحر- عضو مشارك
- عدد الرسائل : 65
العمر : 45
تاريخ التسجيل : 19/01/2009
رد: العلمانية.. حول نشأتها، ونتائج تطبيقها العدد 376، الأربعاء 11/2/2009 جريدة النور
حقيقة ان هذا المقال من اكثر المقالات الموضوعية التي تصف العلمانية وتطورها التاريخي
وبقي علينا ان نطرح الافكار والنقاشات انطلاقا من المقال السابق
وفكرتي هي
هل يا ترى المسلمين بحاجة الى الى العلمانية
كما احتاج اليها الغرب المسيحي وتطور بفضلها
الجواب بناء على الواقع والتاريخ قطعا لا
حيث انه لم يكن الاسلام يوما يقف بوجه العلم او العلماء
بل العكس تماما
كان السبب الفصل في ارتقاء العلم عند المسلمين والتاريخ يشهد على ذلك
كما انه لايوجد دين كالاسلام يدعو الى التفكر بخلق الله اي التفكر بما يحيط الانسان
وكذلك تعظيمه للعلم والعلماء
اذا الدين الاسلامي لم يكن يوما ولن يكون ابد الدهر السبب في بعد المسلمين عن العلم
وفي تأخرهم عن العالم المتقدم
بل هناك اسباب عدة شكلت مجتمعة هذا الواقع المرير
ساتناولها لاحقا اذا تم التفاعل مع الموضوع
وردة لكم
وبقي علينا ان نطرح الافكار والنقاشات انطلاقا من المقال السابق
وفكرتي هي
هل يا ترى المسلمين بحاجة الى الى العلمانية
كما احتاج اليها الغرب المسيحي وتطور بفضلها
الجواب بناء على الواقع والتاريخ قطعا لا
حيث انه لم يكن الاسلام يوما يقف بوجه العلم او العلماء
بل العكس تماما
كان السبب الفصل في ارتقاء العلم عند المسلمين والتاريخ يشهد على ذلك
كما انه لايوجد دين كالاسلام يدعو الى التفكر بخلق الله اي التفكر بما يحيط الانسان
وكذلك تعظيمه للعلم والعلماء
اذا الدين الاسلامي لم يكن يوما ولن يكون ابد الدهر السبب في بعد المسلمين عن العلم
وفي تأخرهم عن العالم المتقدم
بل هناك اسباب عدة شكلت مجتمعة هذا الواقع المرير
ساتناولها لاحقا اذا تم التفاعل مع الموضوع
وردة لكم
The Lord- عضو جديد
-
عدد الرسائل : 6
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 15/02/2009
رد: العلمانية.. حول نشأتها، ونتائج تطبيقها العدد 376، الأربعاء 11/2/2009 جريدة النور
شكرا لك أخي على طرح هذا الموضوع الهام
أنا مع العلمانية لأنها تتبع التفكير العقلاني
أنا مع العلمانية لأنها تتبع التفكير العقلاني
باسم مصطفى- عضو جديد
- عدد الرسائل : 12
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 09/03/2009
رد: العلمانية.. حول نشأتها، ونتائج تطبيقها العدد 376، الأربعاء 11/2/2009 جريدة النور
العلمانية في غير مكانها الصحيح مثل السلاح اللي يحمله شخص ما يعرف يستخدمه
والعرب لا تليق بهم العلمانية
لأن المضحك دوما اذا تناول الانسان العربي موضوع علمانية يقول لك نفصل الدين عن الدولة بغباء مطلق
سنرى الى اين ستصل بكم العلمانية يا اتباعها
والعرب لا تليق بهم العلمانية
لأن المضحك دوما اذا تناول الانسان العربي موضوع علمانية يقول لك نفصل الدين عن الدولة بغباء مطلق
سنرى الى اين ستصل بكم العلمانية يا اتباعها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى